مـن 85 % في 1962 إلى 12.33% في 2017

محوالأمية من طلاسم الجهل إلى نور العلم   

فتيحة / ك

في كل يوم نردد فيه قسم «أن تحيا الجزائر» يتجدّد العهد والعقد على محوآثار قدم غاشمة أرادت لأكثر من قرن و30 سنة طمس معالم هوية ولدت من رحم التاريخ، ومع بزوغ شمس الحرية، كان لزاما وضروريا على من حملوا السلاح بالأمس أن يضعوه ويرفعوا مكانه قلما، لتبدأ معركة امة ضد الأمية، وخلال خمس وخمسين سنة انخفضت نسبتها من 85 بالمائة غداة الاستقلال إلى 12.33 سنة 2017.
ولأن الأمر كان مستعجلا لوضع أولى لبِنَاتِ بناء المستقبل والغد الكريم للأجيال القادمة تمّ إنشاء الديوان الوطني لمحوالأمية وتعليم الكبار في صورة مؤسسة عمومية ذات طابع إداري بموجب مرسوم رئاسي وتأسس كمصلحة تابعة لوزارة الإرشاد القومي في 31 أوت 1964، وليتم  تحويله فيما بعد سنة 1965 إلى مؤسسة عمومية مستقلة تتمتّع بالشخصية المعنوية تحت وصاية وزارة التربية الوطنية إلى غاية 1995، حيث تمّ تحويله إلى الديوان الوطني لمحوالأمية وتعليم الكبار ووضع تحت وصاية مصالح رئيس الحكومة مباشرة إلى غاية 20 ديسمبر 1997، أين أعيد وضعه تحت وصاية وزارة التربية الوطنية من جديد وترسيخ أهدافه الأساسية في منح فرصة التعليم لكل فئات المجتمع وعلى اختلاف أطيافها بوضع كل الوسائل الممكنة من أجل مسّ اكبر عدد من الأميين، خاصة أولئك الموجودين في المناطق الوعرة والنائية.
وحتى نعرف حجم الكارثة التي تسببت فيها همجية الاستعمار المدروسة يجب أن نعلم أن نسبة الأمية في الجزائر سنة استعمار الجيش الفرنسي للجزائر لا تتعدى الـ 14 بالمائة ما يعني أنها حقّقت الهدف الذي سطرته برفع تلك النسبة إلى 85 بالمائة سنة 1962، ما يمثل 5.600.000 أمي من أصل 6.588.235 نسمة.
يذكر أن نسبة الأمية كانت تتراوح بـ 94 بالمائة، سنة 1948 ما يعني أن الشعب الجزائري وقبل اندلاع الثورة بسنوات عرف السلاح الناري يجب أن يسانده سلاح العلم فقد انخفضت هذه النسبة سنة 1955 إلى 92 بالمائة، هذا الوعي عكسته الأرقام التي تؤكد صحوة لتدارك الأمر في نشر الوعي والعلم وسط الشعب الجزائري.
ولأهميتها ومواصلة الجهود المبذولة من طرف الدولة بغية إعطائها دفعة قوية تساهم في إعطاء نتائج جيدة في اقل وقت ممكن تمّ وضع إستراتيجية وطنية لمحوالأمية في 2007، طبقت إلى غاية 2015 اشتركت فيها عدة قطاعات جندت حوالي 12 ألف عون متعاقد مكلفين بمحوالأمية استهدفت بالدرجة الأولى النساء والفتيات، خاصة في المناطق الريفية والنائية ومسّت الشريحة العمرية المنحصرة بين 15 و49 سنة، أين مكّنت أكثر من 2 مليون و200 ألف أمّي من تعلّم أبجديات القراءة والكتابة والحساب، فيما تمّ وضع إستراتيجية جديدة انطلقت في2015 وتستمر إلى 2024، أين سيتم العمل وفق التوصيات الإقليمية والعالمية، في إطار تحقيق الهدف المرجو صفر أمية في الجزائر سنة 2040، أين ستسخر كل الوسائل الممكنة مع الأخذ بعين الاعتبار الأمية المعلوماتية التي أصبحت خطرا يهدد كل من يجهل استعمال الحاسوب وأبجديات تحريكه.
ولا يمكن الحديث عن الخطوات الجبارة التي قامت بها الجزائر في رفع غشاوة الجهل عن أولئك الذين كانوا فريسة لمخطط استعماري استدماري دون التطرّق إلى الجهود التي قام بها المجتمع المدني بالموازاة مع ما تقوم به الدولة في الميدان لأنها ساندت تلك المخططات وكانت سببا في نجاحها ونجاعتها، حيث تنشط ما يقارب سبع جمعيات وطنية وما يفوق 600 جمعية محلية في هذا المجال من بينها الجمعية الوطنية لمحوالأمية «اقرأ»، الكشافة الإسلامية وجمعية العلماء المسلمين وكذا بعض الشركاء الاقتصاديين الذي ساهموا في تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمحوالأمية التي أدخلت ضمن أهدافها القضاء على الأمية المعلوماتية والأمازيغية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025